جميلة الماجري: مفهوم الحداثة ما زال ملتبسًا في أذهان الكثيرين .. حاورتها هندة محمد
شاعرة تونسيّة من اللّواتي نحتن أسماءهنّ على صفحات تاريخ الشّعر العربيّ المعاصر من خلال نصوصها ومن خلال عملها الدّؤوب والمتواصل في أكثر من منصب مهمّ في السّاحة الثّقافيّة التّونسيّة والعربيّة
هي من مواليد مدينة القيروان سنة سنة 1951
وهي أستاذة للأدب العربي والتّرجمة
ناقدة وتكتب الشّعر الموزون بكلّ سلاسة وحرفيّة ويتميّز نصّها بجمال الصّورة، بساطتها وعمقها.
هي من أهمّ الأسماء الأدبيّة المعاصرة
صدر لها مؤلّفات كثيرة منها: ديوان الوجد / ذاكرة الطّير / الوجع طعمه عربي
و" المدن والنّساء" الذي جاء على شكل مقالات
والحوار أدناه للحديث عن تجربتها الشّعريّة في محاولة للغوص أكثر في عوالمها المحتشدة بالعذوبة والجمال:
-الشّاعرة الكبيرة المبدعة جميلة الماجري
كيف كانت بدايتك مع الكتابة وماهي أهمّ الصّعوبات التي واجهتك؟
قد لا أبالغ إذا قلتُ إنّ علاقة الكاتب بالكتابة أو علاقة الفنّان بفنّه مهما كان رسمًا أوموسيقى كأنّها قدر ينشأ معه أو (يوحى) به إليه.. لكن سأكون واقعيّة وأقول إنّ بداياتي كانت منذ بدأتُ أكتشف جمال نصوص القراءة في كتب الإبتدائي واكتشاف معلّميّ ثمّ أساتذتي لتفوّقي في مادّة الإنشاء وتذجيعهم لي فأحببت الكتابة وعشقتُ اللغة العربية
ثمّ مع تقدّمي في التعليم ووعيي بوجودي في مدينة كان لها فضل في علاقتي بالشعر وتاريخها الأدبي وجوّها الرّوحي وهي مدينة القيروان والأسماء الشعرية الكبيرة التي تنتمي إليها تطوّرت علاقتي بحبّ الكتابة والإحساس بالحاجة إليها ثمّ انخراطي في سنّ مبكّرة في النّوادي الأدبية بمدينتي.
-المشهد الشّعريّ والثّقافيّ تغيّر كثيرا بعد الثّورة ما تقييمك لذلك؟
تغيّر؟ من حيث ماذا ؟ كميّا أم نوعيّا ؟
هذا الحكم يتطلّب دراسة دقيقة وتقييمية أنا موجودة باستمرار وحاضرة في الساحة من حيث حركة النشر والكتابة الأدبية ومتابعة لما يجدّ بها من أسماء وإنتاج وكنت رئيسة اتحاد الكتّاب التونسيين قبل الثورة ومديرة بيت الشعر بعدها وأتابع ما يُنشر وأقول إنّه سابق لأوانه الحكم في عشرية على تسجيل ظهور حركة أدبية جديدة ومختلفة وذات ملامح رصدها النقد والدراسة ..فحتى ما بدأ في الظهور كون ما سمّي بأدب السجون ظلّت محاولات محتشمة ولم ترق إلى تسجيل مستوى إبداعيّ ملفت، وقياسا بما توفّر بعد الثورة من مناخ حرية التعبير فإننا ما زلنا ننتظر الأفضل كما أنّ التغيير يلزمه وقت أطول حتى تتبلور خصوصيّته وتبرز تجارب مكتملة ومختلفة حقا.
-لمن تقرأ الأستاذة جميلة الماجري ؟ماهي العناوين التي يمكن أن تشدّها أكثر من غيرها وماهي معايير الاختيار لديها؟
اقرأ كثيرا شعرا ورواية وتاريخا. يشدّني الإبداع الراقي.. أعود دائما إلى قراءة الشعر القديم فالمتنبّي يلازمني وأعود إلى عيون الشعر العربي والقصائد العلامات.. ومن المعاصر ,الشعر العراقي : السيّاب وحسب الشيخ جعفر وسعدي يوسف ..
كما تستوقفني تجارب حديثة جادّة وعالية لدى الجيل الجديد من الشباب في الساحة العربية
اقرأ ما يصدر في فنّ الرواية في تونس والعالم العربي
كما تغذّت مطالعاتي بالأدب الفرنسي شعرا ورواية باعتباري أنتمي إلى جيل مزدوج الثقافة بين العربية والفرنسية
-ما رأيك بالقصيدة العربيّة اليوم؟ وما المقاييس التي يمكن أن تصل بالنصّ إلى الخلود؟
رأيي متفائل بواقع القصيدة العربية اليوم
أتابع حركة شبابية مبشرة بمستقبل مزهر للشعر العربي فهناك أسماء واعدة بإبداع عال وحركة تجديد جادّة
-ما موقفك وأنت الشّاعرة والنّاقدة من الحركات النّقديّة في المشهد الثّقافي العربي؟
أقول بأسف إنّ الحركة النقدية اليوم والدراسات الأكاديمية العلمية لا تواكب الحركة الإبداعية ومتخلّفة عنها رغم ما توفّر من تراكمات .
-باعتبارك أوّل امرأة تنتخب رئيسة لاتحاد الكتّاب التّونسيّين سنة 2008 ..كيف ترين هذا الإنجاز المهمّ وما مدى تأثيره على مسيرتك الإبداعيّة؟
بالنسبة لتجربتي كرئيسة أو كأوّل رئيسة لاتّحاد كتّاب في تونس وفي العالم العربي ونظرا لأهميّة هذا الهيكل ورمزيته فيكفي أن أقول إنّه كان انتصارا على العقلية الذكورية والنظرة الظالمة للمراة كائنا ومبدعة إذ انّ ذلك المنصب لم يكن تعيينا بانتخاب ديموقراطيّ عبّر عن اعتراف ضمنّ ببلوغ المرأة المبدعة مستوى من النديّة تقطع مع العقلية التقليدية الخاطئة إلى كفاءة المرأة ومقدراتها
-اليوم كيف توفّقين بين وظيفتك كمديرة بيت الشّعر بالقيروان وبين الكتابة..؟
التوفيق بين الإدارة أو أيّ عمل يقتضي تفرّغا ووقتا يضرّ بالعمل الإبداعيّ ويكون على حسابه ..لكن ما يخفف من ضرره أنّه عمل في حقل الإبداع لا بدّ أن تحصل منه فوائد تغذّي التجربة الإبداعية بالجديد.
-كيف ترين الحركة الثّقافيّة في القيروان هذه المدينة الرّوحانيّة الرّائعة ؟
الحركة الثقافية في القيروان بمختلف الفنون مسرحا وشعرا وفنّا تشكيليا جيّدة والحركة الإبداعية دؤوبة بفضل أنشطة العمل الجمعياتي ونشاط بيت الشعر الذي لا يتوقف كامل السنة وهذا ما يميّز القيروان بتقاليدها في الحركة الأدبية والثقافية
-كيف تقرئين أثر العولمة على القصيدة الحديثة؟
للعولمة طبعا أثر على الأدب العربي شعرا وسردا وهذا طبيعي فالشعر الحديث تأثّر وأخذ من الشعر العالمي واستفاد أحيانا لكنه أيضا خسر بعض خصوصياته ومازال متردّدا بين أصوله ورياح التغريب التي مازال لم يخرج منها بشكل واضح يميّزه
-يختلف مفهوم الحداثة من شاعر إلى آخر..كلّ حسب خلفياته الثقافية وقناعاته ..فما هو مفهوم الحداثة من وجهة نظرك؟
قد لا أبالغ ولا أتجنّى إذا قلت إنّ مفهوم الحداثة مازال ملتبسا في أذهان الكثير إلى اليوم ومفاهيمها متعدّدة وهي مقترنة في الأذهان غالبا بالأخذ عن الغرب بعقلية انبهارية وتقليد دون أن نصنع حداثتنا بخصوصيات تميّزنا
-اليوم وبعد سنوات طويلة من الإبداع والعطاء للسّاحة الثّقافيّة التّونسيّة والعربيّة
أين ترى جميلة الماجري نفسها؟.
مازلت لم أحقق ما أرضى عنه ..لديّ مشاريع لم تكتمل ..فكما قال القدامى : الصناعة طويلة والعمر قصير.
Commenti