top of page
صورة الكاتبSeagulls Post Arabic

دينا الشيخ: علاقة الفعل والحدث بالحب ونقيضه


الشاعرة  والإعلامية دينا الشيخ
دينا الشيخ

دينا الشيخ: علاقة الفعل والحدث بالحب ونقيضه

الحب بطاقته التي تُحرك الأحداث في المنظومة الكونية تتشعب منه الكثير من العناوين وأوجهها التي تتناسل منها أكوان عتيقة ومتجددة.

الحياة بمعناها اللامتناهي هي وليدة الحب، تختلف وتتغير مع مضي الزمن، وكل حدث يقود إلى فتح باب أو غلق آخر، حيث تكون علاقة الفعل والحدث بالحب ونقيضه سافرة. الحب الذي يقبع مثل ملك عظيم في عرشه الأزلي، وتتسلل وتنسرب روحه في الأطياف والأجساد والهواء والغيم، لم يترك ذرة في غيب التكوين أو حاضر الوجود إلا وتشبعت بطاقة منه، قد تكون كامنة تنتظر لحظة انبثاقها وفورانها الأخّاذ، أو هي الآن شجرة تتمدد من الماضي السحيق إلى الغيب الضارب في مجاهيل الزمن.

يقول "يوليوس روبرت فون ماير": "الطاقة لا تفنى ولا تستحدث من العدم". يمكننا أن نسحب هذا المعنى ونلبس طاقة الحب مغزاه. يُولد الإنسان والحب بداخله مكتمل، ولكن قد لا يتم الإفصاح عنه صريح أو كامل إلا مع التجربة واكتمال الوعي بحقيقة الحياة البسيطة والمعقدة في آن واحد.

التدرب على الحب:

من البيت ثم المجتمع والبيئة الثقافية والموروث والتقاليد تبدأ علاقتنا مع الحياة والبشر والطبيعة. السلوك الإنساني لا يتشكّل بين يوم وليلة، بل هذه رحلة آلاف السنين من التحول الفكري والعاطفي، ولا أقول ذلك للوم الأسلاف على ما ورثته الشعوب من مفاهيم خاطئة، أو لتبرير السلوك في مجتمع ما، ولكن للإشارة إلى أن اختلاف المجتمعات واللغات والثقافات ليس بالقوة والعمق الظاهر دائمًا، فكل هذا العبء المحمول عبر القرون لا يلغي ضعف هذه الترسبات المنتقلة بين الأجيال.  هناك خيط رفيع يفصل بيننا كبشر، ولحظة سقوطه بعوامل الاحتكاك والتواجد في نفس المحيط لفترة محدودة، ستلمع وتقفز للسطح خلاصة المعنى الإنساني والبشري، لتأخذ العلاقة صورة كانت بعيدة عن ذهن الطرفين من قبل. نشأت في أرض ربما غمزت لي خلسة وأنا طفلة ألعبُ بترابها، لتخبرني عن مسنة فلبينية لا أعرفها، سألتقيها مصادفة لدقائق معدودة في مول تجاري، ستحبني في غضون هذه الدقائق بلا مقابل، بل وتشتري لي هدية قبل مغادرة المول. ربما لمحتُ في رمالها وجه صديقتي Donna، التي كلما التقينا، تحدثني ببريق عينيها عن مغامراتها وصبرها في حياة أحبتها عامًا بعد عام.

حب الذات (Self-love)

الأحاسيس والمشاعر تجاه ما حولنا تمثل مرآة للذات. ما نعكسه للعالم الخارجي يرتد إلى عوالمنا الخاصة بشكل أو آخر. فكرة البذرة وساقيها. كما أن الأنا قد تكون بذرة لعوالم تتولد وتوجد منها. الحب عطاء وأخذ، ومن هذه اللفتة ذاتها وُجدت الثنائيات في الكون.

لكل عطاء يجب أن يكون هناك مصدر يمده، وحب الذات هو ليس ما يتبادر إلى الأذهان من المعنى الراسخ بشكله السلبي؛ بل هو التصالح مع النفس وتقبلها بشيء من الحكمة والاتزان مع العمل على تخطي هواجس المسافة بين الروح والجسد، والتمكن من خلق أفق يتوسط العالمين. الوصول لهذا الاتزان هو القاعدة التي يرتكز عليها حب الذات الناضج، ليأتي بعد ذلك الحب بكل أشكاله. بعد حب الذات يأتي العطاء. للعطاء مراتبه ودرجاته أيضًا.

وحب الذات ليس سهلًا، يحتاج الأمر لثقة بالنفس ونضج فكري، وفهم للذات وأغوارها، بعد رحلة تعلم من الأخطاء والعثرات، بغض النظر عن المؤثرات والعوامل التي تتقاطع مع التجارب المختلفة.

الحب بداية ونهاية، وقد اخترنا في هذا العدد موضوع (الحب الأول)، كتب عنه كتّاب ومبدعون في صفحات الشهادات، وتنقلت المقالات بين الحب الأول في الشعر، الرواية والقصة.

٠ تعليق

Commentaires


bottom of page